​أي مصير ينتظر حكومة «الاستقرار» المدعومة من «النواب» الليبي؟

شارك هذه المقالة مع أصدقائك!

شكرا لقراتكم خبر عن ​أي مصير ينتظر حكومة «الاستقرار» المدعومة من «النواب» الليبي؟

العقوبات الأميركية ترياق عتيق في قوارير جديدة

لم يتفاجأ الجيش والدعم السريع بالعقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية على السودان، أمس، فقد هددت واشنطن في وقت سابق القوى المتحاربة بالخرطوم منذ منتصف الشهر الماضي بالعقوبات.

وبينما قللت أحزاب وقوى سياسية من أثر العقوبات على الطرفين وعلى البلاد، قال وزير الخارجية المكلف علي الصادق لـ«الشرق الأوسط» إن العقوبات التي فرضتها أميركا على السودان يتأثر بها الشعب السوداني وليس القوى المتحاربة.

ليست هذه المرة الأولى التي تفرض فيها واشنطن عقوبات، فقد سبق أن فرضت عقوبات امتدت لعقدين في عهد الرئيس السابق عمر البشير وتم رفعها في 2016 بمبادرة من الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بعد مباحثات اشترك فيها مدير جهاز الأمن الفريق محمد العطا ورئيس هيئة أركان القوات المسلحة الفريق عماد الدين عدوي ووزير الخارجية وقتها إبراهيم غندور.

وفي عهد رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك تم شطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وتسوية الاعتداء على السفارتين الأميركية في دار السلام ونيروبي وأحداث المدمرة كول التي كان السودان متهما فيها، وتم إعادة اندماج السودان في المجتمع الدولي.

الخارجية السودانية

علي الصادق وزير خارجية السودان تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن العقوبات الأميركية

وزير الخارجية المكلف علي الصادق اكتفى في أول تصريح صحافي له منذ بداية الحرب بقوله لـ«الشرق الأوسط»: «إن العقوبات تؤثر على الشعب وليس على الأطراف المتحاربة»، وأضاف أن «موقف السودان من العقوبات ورد في تصريحات سفيرنا في واشنطن».

وكان سفير السودان في واشنطن محمد عبد الله إدريس قد أعلن رفض حكومته لمبدأ فرض العقوبات وفقا لما نقلته وسائل إعلام عربية واعتبرها سلاحاً مسموماً، جرب من قبل على السودان وغير السودان ويؤثر على الشعوب ودمر شعوبا في المنطقة العربية والإسلامية، وقال: «نحن نرفض مبدأ العقوبات»، وأضاف: «الولايات المتحدة بصفتها مسهلا (وسيطا)، فبأي منطق يفرض المسهل عقوبات على الأطراف»، وتابع: «هل رأيتم قط مسهلا يحمل كرباجا؟».

وأوضح إدريس أن المؤسسات التي فرضت عليها عقوبات مملوكة للشعب السوداني، وأن فرض عقوبات عليها يعني معاقبة الشعب السوداني.

وقال إن تعليق الجيش لمواصلته في المفاوضات مشروط بإلزام الطرف الآخر بتعهداته، وليس الجيش السوداني، الذي أوفى بالتزاماته بوقف إطلاق النار.

نصف خطوة

السيناتور الجمهوري جيم ريش (رويترز)

السيناتور الجمهوري جيم ريش وجه انتقادات لاذعة لإدارة الرئيس جو بايدن، معلقاً على العقوبات التي فرضتها على السودان، بالقول إنها «تمثل نصف خطوة تجاه ما يجب أن يحصـل»، مشيرا إلى أن «العقوبات لا تحمل كبار الأفراد المسؤولين عن الوضع الكارثي في السودان مسؤولية ما يحصل وأن العقوبات لا تطال أكثر الأشخاص المسؤولين عن زعزعة المنطقة والترهيب المستمر بحق الشعب السوداني».

ويتابع ريش «على غرار سياستها في الرد على الحرب الأهلية في شمال إثيوبيا فقد تجنبت الإدارة مرة أخرى تحميل المسؤولين الكبار في الأطراف المتحاربة في السودان المسؤولية». وأضاف: «لا يمكننا السماح لصراع جديد بهذا الحجم في أفريقيا بالاستمرار من دون أن نتخذ قرارات شفافة ومباشرة ضد المسؤولين عن القتال الذي أودى بحياة المئات وأدى إلى جرح الآلاف ونزوح الملايين… هذه القرارات مرة أخرى هي بعيدة عن تحميل المسؤولية الحقيقية».

تأثيرات أقل

خبير التنمية وحقوق الإنسان بجنيف عبد الباقي جبريل، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الإجراءات العقابية التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية يوم الخميس لن تكون ذات أثر كبير في ظروف السودان الحالية. وأضاف: «تجربة السودان السابقة مع العقوبات الاقتصادية الأحادية التي فرضتها الادارات الأميركية على البلاد لمدة عشرين عاما منذ عهد الرئيس بيل كلنتون في أواخر عام 1997 وحتى رفعها من قبل الرئيس دونالد ترمب في أكتوبر (تشرين الأول) 2017 قد أوضحت أن نتائج مثل هذه العقوبات الأحادية محدودة في أحسن الظروف وتتأثر بها قطاعات حيوية قليلة»، لافتا إلى أن النتائج والآثار على السودان خلال فترة العقوبات السابقة هي الضائقة المعيشية وإفقار شرائح كبيرة من عامة الشعب، وأخطرها على الإطلاق زيادة نسبة الفساد الاقتصادي والتجاري في البلاد وبطريقة لم يشهد العالم لها مثيلا.

ويقول جبريل: «تم (وقتها) إخراج السودان من النظام المصرفي والمالي العالمي، ما أجبر حكومة المؤتمر الوطني السابقة على استخدام أساليب معقدة لتلبية احتياجاتها الضرورية»، مشيرا إلى أن «الحكومة السابقة تمكنت من التقليل من آثار العقوبات الاقتصادية والحظر التجاري باللجوء إلى المعاملات المالية خارج النظام المصرفي العالمي، ما حد من مقدرة مؤسسات الدولة على ضبط المال العام خاصة في قطاع الصادرات والواردات… إلخ، وقلل من الرقابة الخارجية على مصادر تمويل مشتريات البلاد وعوائد مبيعاتها الخارجية».

الجيش له خبرة

جنود من الجيش السوداني في إحدى مناطق الارتكاز بالخرطوم (أ.ف.ب)

سياسيون وخبراء في مجال العلوم السياسية عقدوا مقارنة بين العقوبات التي فرضتها واشنطن في عهد نظام البشير، والعقوبات التي تم فرضها الخميس، مشيرين إلى أن الأخيرة أقل تأثيرا وتختلف شكلا ومضمونا عن العقوبات التي فرضت في عهد النظام السابق، وكان من جرائها تقديم مسؤولين إلى المحكمة الجنائية الدولية. وقالوا إن الجيش له خبرة في التعامل مع مكتب السيطرة على الأصول الأجنبية تمتد لأكثر من 30 سنة، والجديد هو أن شركات الدعم السريع دخلت في دائرة العقوبات الأميركية.

أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات السودانية صلاح الدين الدومة قال لـ«الشرق الأوسط»، إن العقوبات مجدية جدا ويعلم الطرفان المتحاربان ماذا تعني العقوبات وماذا بعدها، مشيرا إلى أن أميركا جادة في تحقيق الحكم المدني بالبلاد، لأنه يحقق، مصالحها، وإذا حدث العكس فإن روسيا والصين ستبسطان نفوذهما بالسودان. وإذا فشلت أميركا في تحقيق الحكم المدني في السودان فهذا الأمر ستكون له آثار سالبة على الانتخابات الأميركية للرئيس جو بايدن.

في مارس (آذار) العام الماضي فرضت الولايات المتحدة، عقوبات على قوات الاحتياطي المركزي، بحجة أنها استخدمت القوة المفرطة تجاه المتظاهرين السلميين ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، وقتها رد الاحتياطي المركزي بأنه لم يتلق إخطارا رسميا بالأمر، وأنه سمع بفرض العقوبات عبر وسائل الإعلام.

الخبير العسكري اللواء أمين إسماعيل قال لـ«الشرق الأوسط» إن العقوبات على الجيش والدعم السريع محاولة من الجانب الأميركي لممارسة نوع من الضغط الحميد على طرفي الصراع في السودان من أجل إعادتهما إلى طاولة التفاوض وإيقاف الحرب والدخول في هدنة ووقف شامل لإطلاق النار.

وتوقع إسماعيل أن تصل العقوبات إلى المسؤولين والقادة من الجانبين الذين ضد الهدنة ويخرقون وقف إطلاق النار، معتبرا أن العقوبات نوع من أوراق الضغط تستخدمها أميركا والوساطة الحالية لإيقاف الحرب في المنطقة التي تهدد الأمن والسلم، الدوليين، وقال هناك مرحلة لاحقة تختص بالمساءلة السياسية وإكمال الانتقال الديمقراطي الذي ترعاه أميركا.

مساعدات من دول خارجية يتم تخزينها في مستودعات تديرها مفوضية العون الإنساني السودانية في بورتسودان (رويترز)

«الدعم السريع» الأكثر تأثراً

الخبير في مجال حقوق الإنسان سراج الدين حامد قال لـ«الشرق الأوسط» إن العقوبات امتداد للعقوبات السابقة، لكن لأول مرة يتم توجيه العقوبات للجيش وشركاته والدعم السريع كذلك، وسابقا كانت تتم عبر مكتب السيطرة على الأصول الأجنبية (الأوفاك). وأضاف: الآن العقوبات خرجت من وزارة الخزانة الأميركية وفي النهاية لها الهدف نفسه، وهو أن الجهات التي وجهت لها العقوبات لا تستطيع التعامل بحرية فيما تمتلكه من أصول نقدية إذا كانت بالدولار، لأن المقاصة تمر عبر نيويورك، مشيرا إلى أن شركات الصناعات الدفاعية لها خبرة في التعامل مع العقوبات الأميركية، ولن تتأثر كثيرا، ويمكن أن تتعامل باليورو أو غيره.

وقال: «العقوبات ستؤثر على الشركات التابعة للدعم السريع مثل الجنيد، لأنها تتعامل بالدولار وليست لديها خبرة في التعامل مع العقوبات، بالتالي فإن الذي يتأثر بالعقوبات الدعم السريع وليس الجيش. ورأى أن العالم يتجه إلى تغير كبير جدا في السياسة النقدية والمالية، ما يجعل هذه العقوبات لا أثر لها، كما أن هناك مجموعات جديدة نشأت بالعالم وهذا يضعف أثر العقوبات التي تفرضها». وأضاف: «هذه عقوبات شكلية في ظاهرها وهي تعبير عن موقف سياسي أكثر من أنها عقوبات ذات أثر مباشر على الجهة الموجهة إليها العقوبات».

من جانبه، أوضح عبد الباقي جبريل أن قرار وزارة الخزانة الأميركية موجه إلى مؤسسات محددة وكذلك لأفراد بعينهم، إذ يقول في إحدى فقراته الرئيسية: «اتخذنا إجراءات ضد شركات وهيئات تقدم أسلحة للطرفين المتقاتلين في السودان». يجب ملاحظة أن العقوبات الاقتصادية ضد حكومة المؤتمر الوطني السابقة كانت شاملة لكل القطاعات التجارية مع استثناءات قليلة، وعلى الرغم عن ذلك، لم تحقق الأهداف التي وضعتها الحكومات الأميركية المتعاقبة. وقال: «تحديد مؤسسات معينة في هذا القرار يعني استثناء قطاعات أخرى عند تنفيذه ولهذا فهو عمليا يسمح لبقية قطاعات الاقتصاد في البلاد بأن تعمل بصورة طبيعية، وعليه فإن طريق هذا الاستثناء يمكّن المؤسسات المستهدفة بالعقوبات؛ مثل مجمع جياد للصناعات العسكرية وشركات الجنيد التجارية من تحقيق مصالحها وتنفيذ بعض سياساتها من خلال التعاون مع المؤسسات الاقتصادية والتجارية الأخرى بالبلاد».

‫0 تعليق

اترك تعليقاً